الدنيا وسيلة و مزرعة للآخرة
الجمعة أبريل 15, 2022 2:52 pm
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.
................................
قال الإمام أبو الحسن علي بن خلف في شرح البخاري: قال أبو الزناد: معنى هذا الحديث الحض على قلة المخالطة وقلة الاقتناء والزهد في الدنيا. قال أبو الحسن: بيان ذلك أن الغريب قليل الانبساط إلى الناس مستوحش منهم إذ لا يكاد يمر بمن يعرفه ويأنس به ويستكثر من مخالطته فهو ذليل خائف، وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته عليه، وخفته من الأثقال غير متشبث بما يمنعه من قطع سفره ليس معه إلا زاد وراحلة يبلغانه إلى بغيته من قصده وهذا يدل على إيثار الزهد في الدنيا ليأخذ البلغة منها والكفاف كما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره كذلك لا يحتاج المؤمن في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه.
وقال العز علاء الدين بن يحيى بن هبيرة رحمه الله: في هذا
الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على التشبه بالغريب لأن الغريب إذا دخل بلدة لم ينافس أهلها في مجالسهم ولا يجزع أن يراه أحد على خلاف عادته في الملبوس ولا يكون متدابراً معهم وكذلك عابر السبيل لا يتخذ داراً، ولا يلج في الخصومات مع الناس يشاحنهم، ناظراً إلى أن لبثه معهم أيام يسيرة: فكل أحوال الغريب وعابر السبيل مستحبة أن تكون للمؤمن في الدنيا لأن الدنيا ليست وطناً له. لأنها تحبسه عن داره وهي الحائلة بينه وبين قراره.
وأما قول ابن عمر: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء" فهو حض منه على أن المؤمن يستعد أبداً للموت. والموت يستعد له بالعمل الصالح. وحض على تقصير الأمل: أي لا تنتظر بأعمال الليل الصباح. بل بادر بالعمل، وكذلك إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وتؤخر أعمال الصباح إلى الليل.
قوله: "وخذ من صحتك لمرضك" حض على اغتنام صحته فيجتهد فيها خوفا من حلول مرض يمنعه من العمل. وكذلك قوله "ومن حياتك لموتك" تنبيه على اغتنام أيام حياته لأن من مات انقطع عمله وفات أمله وعظمت حسرته على تفريطه وندمه وليعلم أنه سيأتي عليه زمان طويل وهو تحت التراب لا يستطيع عملا ولا يمكنه أن يذكر الله عز وجل فيبادر في زمن سلامته فما أجمع هذا الحديث لمعاني الخير وأشرفه.
وقال بعضهم: قد ذم الله تعالى الأمل وطوله وقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 1. وقال علي رضي الله عنه: "ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل"1.
وقال أنس رضي الله عنه: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطاً فقال: "هذا الإنسان وهذا الأمل وهذا الأجل فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب" 2 وهو أجله المحيط به وهذا تنبيه على تقصير الأمل واستقصار الأجل خوف بغيته ومن غيب عنه أجله فهو جدير بتوقعه وانتظاره خشية هجومه عليه في حال غرة وغفلة فليرض المؤمن نفسه على استعمال ما نبه عليه ويجاهد أمله وهواه فإن الإنسان مجبول على الأمل. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطاً لي أنا وأمي، فقال: "ما هذا يا عبد الله؟", فقلت: يا رسول الله قد وهى فنحن نصلحه. فقال: "ما أرى الأمر إلا أسرع من ذلك" 3. نسأل الله العظيم أن يلطف بنا وأن يزهدنا في الدنيا وأن يجعل رغبتنا فيما لديه وراحتنا يوم القيامة إنه جواد كريم غفور رحيم.
................................
قال الإمام أبو الحسن علي بن خلف في شرح البخاري: قال أبو الزناد: معنى هذا الحديث الحض على قلة المخالطة وقلة الاقتناء والزهد في الدنيا. قال أبو الحسن: بيان ذلك أن الغريب قليل الانبساط إلى الناس مستوحش منهم إذ لا يكاد يمر بمن يعرفه ويأنس به ويستكثر من مخالطته فهو ذليل خائف، وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته عليه، وخفته من الأثقال غير متشبث بما يمنعه من قطع سفره ليس معه إلا زاد وراحلة يبلغانه إلى بغيته من قصده وهذا يدل على إيثار الزهد في الدنيا ليأخذ البلغة منها والكفاف كما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره كذلك لا يحتاج المؤمن في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه.
وقال العز علاء الدين بن يحيى بن هبيرة رحمه الله: في هذا
الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على التشبه بالغريب لأن الغريب إذا دخل بلدة لم ينافس أهلها في مجالسهم ولا يجزع أن يراه أحد على خلاف عادته في الملبوس ولا يكون متدابراً معهم وكذلك عابر السبيل لا يتخذ داراً، ولا يلج في الخصومات مع الناس يشاحنهم، ناظراً إلى أن لبثه معهم أيام يسيرة: فكل أحوال الغريب وعابر السبيل مستحبة أن تكون للمؤمن في الدنيا لأن الدنيا ليست وطناً له. لأنها تحبسه عن داره وهي الحائلة بينه وبين قراره.
وأما قول ابن عمر: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء" فهو حض منه على أن المؤمن يستعد أبداً للموت. والموت يستعد له بالعمل الصالح. وحض على تقصير الأمل: أي لا تنتظر بأعمال الليل الصباح. بل بادر بالعمل، وكذلك إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وتؤخر أعمال الصباح إلى الليل.
قوله: "وخذ من صحتك لمرضك" حض على اغتنام صحته فيجتهد فيها خوفا من حلول مرض يمنعه من العمل. وكذلك قوله "ومن حياتك لموتك" تنبيه على اغتنام أيام حياته لأن من مات انقطع عمله وفات أمله وعظمت حسرته على تفريطه وندمه وليعلم أنه سيأتي عليه زمان طويل وهو تحت التراب لا يستطيع عملا ولا يمكنه أن يذكر الله عز وجل فيبادر في زمن سلامته فما أجمع هذا الحديث لمعاني الخير وأشرفه.
وقال بعضهم: قد ذم الله تعالى الأمل وطوله وقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 1. وقال علي رضي الله عنه: "ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل"1.
وقال أنس رضي الله عنه: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطاً فقال: "هذا الإنسان وهذا الأمل وهذا الأجل فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب" 2 وهو أجله المحيط به وهذا تنبيه على تقصير الأمل واستقصار الأجل خوف بغيته ومن غيب عنه أجله فهو جدير بتوقعه وانتظاره خشية هجومه عليه في حال غرة وغفلة فليرض المؤمن نفسه على استعمال ما نبه عليه ويجاهد أمله وهواه فإن الإنسان مجبول على الأمل. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطاً لي أنا وأمي، فقال: "ما هذا يا عبد الله؟", فقلت: يا رسول الله قد وهى فنحن نصلحه. فقال: "ما أرى الأمر إلا أسرع من ذلك" 3. نسأل الله العظيم أن يلطف بنا وأن يزهدنا في الدنيا وأن يجعل رغبتنا فيما لديه وراحتنا يوم القيامة إنه جواد كريم غفور رحيم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى