ما يحل ويحرم من التأمين
الأحد مارس 27, 2022 7:55 pm
حكم التأمين:
أولا: حكم التأمين التعاوني والاجتماعي
التأمين التعاوني وهو الذي لا ينفصل فيه المؤمن عن المستأمنين، وهو مشروع لقيامه على التبرع ويغتفر في التبرعات ما لا يفتقر في المعاوضات، ومثله التأمين الاجتماعي الذي تقوم به الدولة على مواطنيها.
ثانيا : حكم التأمين التجاري:
تصدت المحافل العلمية المعاصرة لبحث التأمين حيث انتهت إلى حرمة عقود التأمين التجارية لما يكتنفها من الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه فضلاً ونسيئة وأخذ مال الغير بالباطل والإلزام بما لا يلزم شرعاً، وجواز كل من التأمين التعاوني والتأمين الاجتماعي لقيامها على التبرع، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، ثم برز إلى الوجود شركات تأمين إسلامية تقوم على فكرة المعاونة والتبرع بدلاً من فكرة المعاوضة التي تقوم عليها شركات التأمين التجارية.
1-قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول موضوع التأمين :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد:
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي.. قرر بالإجماع -عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك؛ للأدلة الآتية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ويحرم التأمين النهي عن بيع الغرر.
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع : عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصر للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي ويحرم التأمين رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله ويحرم التأمين : «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» (رواه أبو داود)
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [النساء: 29]
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا؛ فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.حكم التأمين:
أولا: حكم التأمين التعاوني والاجتماعي
التأمين التعاوني وهو الذي لا ينفصل فيه المؤمن عن المستأمنين، وهو مشروع لقيامه على التبرع ويغتفر في التبرعات ما لا يفتقر في المعاوضات، ومثله التأمين الاجتماعي الذي تقوم به الدولة على مواطنيها.
ثانيا : حكم التأمين التجاري:
تصدت المحافل العلمية المعاصرة لبحث التأمين حيث انتهت إلى حرمة عقود التأمين التجارية لما يكتنفها من الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه فضلاً ونسيئة وأخذ مال الغير بالباطل والإلزام بما لا يلزم شرعاً، وجواز كل من التأمين التعاوني والتأمين الاجتماعي لقيامها على التبرع، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، ثم برز إلى الوجود شركات تأمين إسلامية تقوم على فكرة المعاونة والتبرع بدلاً من فكرة المعاوضة التي تقوم عليها شركات التأمين التجارية.
1-قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول موضوع التأمين :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد:
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي.. قرر بالإجماع -عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك؛ للأدلة الآتية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ويحرم التأمين النهي عن بيع الغرر.
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع : عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصر للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي ويحرم التأمين رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله ويحرم التأمين : «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» (رواه أبو داود)
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [النساء: 29]
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا؛ فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
أولا: حكم التأمين التعاوني والاجتماعي
التأمين التعاوني وهو الذي لا ينفصل فيه المؤمن عن المستأمنين، وهو مشروع لقيامه على التبرع ويغتفر في التبرعات ما لا يفتقر في المعاوضات، ومثله التأمين الاجتماعي الذي تقوم به الدولة على مواطنيها.
ثانيا : حكم التأمين التجاري:
تصدت المحافل العلمية المعاصرة لبحث التأمين حيث انتهت إلى حرمة عقود التأمين التجارية لما يكتنفها من الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه فضلاً ونسيئة وأخذ مال الغير بالباطل والإلزام بما لا يلزم شرعاً، وجواز كل من التأمين التعاوني والتأمين الاجتماعي لقيامها على التبرع، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، ثم برز إلى الوجود شركات تأمين إسلامية تقوم على فكرة المعاونة والتبرع بدلاً من فكرة المعاوضة التي تقوم عليها شركات التأمين التجارية.
1-قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول موضوع التأمين :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد:
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي.. قرر بالإجماع -عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك؛ للأدلة الآتية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ويحرم التأمين النهي عن بيع الغرر.
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع : عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصر للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي ويحرم التأمين رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله ويحرم التأمين : «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» (رواه أبو داود)
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [النساء: 29]
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا؛ فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.حكم التأمين:
أولا: حكم التأمين التعاوني والاجتماعي
التأمين التعاوني وهو الذي لا ينفصل فيه المؤمن عن المستأمنين، وهو مشروع لقيامه على التبرع ويغتفر في التبرعات ما لا يفتقر في المعاوضات، ومثله التأمين الاجتماعي الذي تقوم به الدولة على مواطنيها.
ثانيا : حكم التأمين التجاري:
تصدت المحافل العلمية المعاصرة لبحث التأمين حيث انتهت إلى حرمة عقود التأمين التجارية لما يكتنفها من الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه فضلاً ونسيئة وأخذ مال الغير بالباطل والإلزام بما لا يلزم شرعاً، وجواز كل من التأمين التعاوني والتأمين الاجتماعي لقيامها على التبرع، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، ثم برز إلى الوجود شركات تأمين إسلامية تقوم على فكرة المعاونة والتبرع بدلاً من فكرة المعاوضة التي تقوم عليها شركات التأمين التجارية.
1-قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول موضوع التأمين :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد:
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي.. قرر بالإجماع -عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك؛ للأدلة الآتية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ويحرم التأمين النهي عن بيع الغرر.
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع : عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصر للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي ويحرم التأمين رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله ويحرم التأمين : «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» (رواه أبو داود)
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [النساء: 29]
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا؛ فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى