منتدى الشيخة الروحانية المغربية أم حمزة 00212710369662
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
المساهمات : 1024
تاريخ التسجيل : 12/11/2020
https://jalb-lhabib.ahlamontada.com

أقسام‌ الخلوص‌ والإخلاص‌ Empty أقسام‌ الخلوص‌ والإخلاص‌

السبت نوفمبر 13, 2021 9:25 pm
أقسام‌ الخلوص‌ والإخلاص‌

فاعلمْ أنّ الخلوص‌ والإخلاص‌ علی‌ نوعَين‌:

الاوّل‌: خلوص‌ الدِّين‌ والطاعة‌ للّه‌ تعإلی.

الثاني‌: خلوصه‌ للّه‌ تعإلی.

ويشير إلی الاوّل‌ الآية‌ الكريمة‌: لِيَعْبُدُوا اللَهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وهذا النوع‌ يحصل‌ في‌ بدايات‌ درجات‌ الإيمان‌، وهو ممّا يلزم‌ علی‌ كلّ أحد تحصيله‌، إذ العبادة‌ فاسدةٌ بدونه‌، وهو أحد مقدّمات‌ الوصول‌ إلی النوع‌ الثاني‌.

ويُشير إلی الثاني‌ قوله‌ تعإلی: إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ، فقد جعل‌ الخـلوص‌ لذات‌ العـبد، بينما جعـلته‌ الآية‌ الاُولي‌ للدِّيـن‌، وعدّت‌ العبد مُخلصاً له‌.

كما يُشير إلی النوع‌ الثاني‌ حديث‌: مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ، أي‌ أخلص‌ نفسَه‌. وأوّلهما بصيغة‌ الفاعل‌ وثانيهما بصيغة‌ المفعول‌.

وهذا النـوع‌ مـن‌ الخـلوص‌ مرتـبة‌ وراء مرتبتَـي‌ الإسلام‌ والإيمان‌، ومرتبة‌ لا تُدرَك‌ إلاّ يَنظُر الله‌ إلی صاحبها بعين‌ عنايته‌، وليس‌ الموحِّد الحقيقي‌ّ إلاّ صاحب‌ هذه‌ المرتبة‌. وما لم‌ يدخل‌ السالك‌ في‌ هذا العالَم‌، فإنّ أذياله‌ لن‌ تنقي‌ من‌ أشواك‌ الشِّرك‌، وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم‌ بِاللَهِ إِلاَّ وَهُم‌ مُّشْرِكُونَ ] الآية‌ 106، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌ [، والمناصب‌ الثلاثة‌ ثابتة‌ معاً لصاحب‌ هذه‌ المرتبة‌ بنصّ كتاب‌ الله‌ تعإلی: [10]

الاُولي‌: أ نّه‌ يُعفي‌ من‌ حساب‌ الحشر الا´فاقي‌ّ،[11] ومن‌ الحضور في‌ تلك‌ العرصة‌: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 127 و 128، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، لانّ هذه‌ الطائفة‌ ـ بعبورها من‌ القيامة‌ العظمي‌ الانفسيّة‌ قد أدّت‌ حسابها، فلا حاجةَ لمحاسبتها من‌ جديد.

الثانية‌: أنّ كلّ فردٍ إنّما ينال‌ ما ينال‌ من‌ الثواب‌ والسعادة‌ علی‌ قدر عمله‌، إلاّ هذا الصنف‌ من‌ العباد الذين‌ ينالون‌ من‌ الإكرام‌ واللطف‌ ما لا يُدركه‌ العقل‌، وفوق‌ جزاء أعمالهم‌: وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 39 و 40، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [.

الثالثة‌: أنّ هذه‌ مرتبة‌ عظيمة‌ ومقام‌ كريم‌، وفيه‌ إشارة‌ إلی مقامات‌ رفيعة‌ ومناصب‌ منيعة‌، وهي‌ أ نّه‌ سيُثني‌ علی‌ الله‌ بما هو أهلُه‌ من‌ الثناء: سُبْحَـ'نَ اللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ ] الا´يتان‌ 159 و 160، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، أي‌ أ نّه‌ يتمكّن‌ من‌ الثناء علی‌ الله‌ تعإلی بما يليق‌ بساحته‌ ويعرف‌ صفات‌ كبريائه‌، وهذه‌ هي‌ غاية‌ مرتبة‌ المخلوق‌، ونهاية‌ منصب‌ الممكن‌.[12] وما لم‌ تظهر ينابيع‌ الحكمة‌ بأمر الله‌ الكريم‌ في‌ القلب‌، فإنّ العبد لن‌ يتمكّن‌ من‌ تناول‌ هذه‌ الجرعة‌، وما لم‌ يطوِ مراتب‌ عالَم‌ الممكنات‌ ويتطلّع‌ ببصره‌ إلی مملكة‌ الوجوب‌ واللاهوت‌، فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ من‌ بلوغ‌ هذه‌ المرتبة‌.

خصائص‌ ومقامات‌ الواصلين‌ إلی الخلوص‌ الذاتي‌ّ (المخلَصين‌)

بلي‌، ما لم‌ يطوِ مملكة‌ الإمكان‌ فإنّه‌ لن‌ يتمكّن‌ من‌ أن‌ يطأ بأقدامه‌ بساط‌ «عِندَ ربِّهم‌»، ولا أن‌ يرتدي‌ لباس‌ الحياة‌ الابديّة‌، أمّا العباد المُخلَصين‌ فإنّهم‌ نالوا عطاء الحياة‌ الابديّة‌، وهم‌ حاضرون‌ عند ربّهم‌: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ أَمْوَ تًا بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ] الآية‌ 169، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌ [، ورزقهم‌ هو الرزق‌ المعلوم‌ الذي‌ ذكره‌ تعإلی في‌ حقّ المُخلَصين‌: أُولَـ'´نءِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ [13] ] الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌ [، والقتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ إشارة‌ إلی هذه‌ المرتبة‌ من‌ الخلوص‌، وهذان‌ الرزقان‌ متّحدان‌ [14]ومقارنان‌ للكون‌ عند الربّ، وهو تعبير آخر عن‌ القُرب‌ الذي‌ هو حقيقة‌ الولاية‌، وهي‌ مصدر وأصل‌ شجرة‌ النبوّة‌: أَنَا وَعلی‌ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ[15]، والنبوّة‌ متفرّعة‌ منها ومولودة‌ منها. بل‌ تلك‌ نورٌ وهذه‌ شُعاع‌، وتلك‌ وَجهٌ وهذه‌ صورة‌، وتلك‌ عَيْنٌ وهذه‌ أَثَر، إذ الولي‌ّ مُخاطَب‌ بخطاب‌: أَقْبِلْ، والنبي‌ّ مخاطب‌ بخطاب‌: أَدْبِرْ بَعْدَ أَقْبِلْ. فالنبوّة‌ لا تتحقّق‌ بدون‌ الولاية‌، أمّا الولاية‌ فتتحقّق‌ بدون‌ النبوّة‌.[الشرح]

وجاء في‌ حقّ المُخلَصين‌: لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إلی رَبِّهِمْ إلاَّ رِدَاءُ الكِبْرِيَاءِ.[الشرح]

وفي‌ كلام‌ خاتم‌ الانبياء صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌:

رَأَيْتُ رَبِّي‌ لَيْسَ بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ إلاَّ حِجَابٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ بَيْضَاءَ فِي‌ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ. وفي‌ كليهما حجابٌ واحد لا غير، علی‌ الرغم‌ من‌ أنّ الحُجب‌ تختلف‌ فيما بينها.

وفي‌ هذا بشارةٌ عظيمة‌ للمُخلَصين‌، فقد تشرّفوا بشرف‌ جوار سيّد المُرسَلين‌، وهذا عالَمٌ يفوق‌ عالَم‌ الملائكة‌ المقرّبين‌، فقد سأل‌ الرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جبرئيل‌: هَلْ رَأَيْتَ الرَّبَّ؟ قَالَ: بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ وَاحِداً لاَحْتَرَقْتُ.[18]

ولا يمكن‌ أن‌ يقال‌ في‌ حقّ المخلَصين‌ أزيد من‌ هذا، إذ تقصر العبارات‌ عنه‌، وتعجز أفهام‌ الخلق‌ عن‌ تحمّله‌. [19]

قَالَ رَبُّ العِزَّةِ: أَوْلِيَائِي‌ تَحْتَ قُبَابِي‌ لاَ يَعْرِفُهُمْ غَيْرِي‌. [20]

يعني‌: لاَ يَعْرِفُ عَوَالِمَهُمْ وَدَرَجَاتِهِمْ غَيْرِي‌.

نوعا القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌

وكما عرفتَ فإنّ الوصول‌ إلی هذا العالَم‌ موقوفٌ علی‌ القَتْل‌ في‌ سَبيل‌ الله‌ تعإلی. [21]

وما دام‌ العبدُ لم‌ يُقتَل‌ في‌ هذا السبيل‌، فإنّه‌ لن‌ يدخل‌ في‌ عالم‌ الخلوص‌ للّه‌ ؛ والقتل‌ عبارة‌ عن‌ قطع‌ علاقة‌ الروح‌ بالبدن‌،[الشرح] ثمّ قطع‌ علاقة‌ روح‌ الروح‌ بالروح‌، حيث‌ إنّ الموت‌ عبارة‌ عن‌ انقطاع‌ تلك‌ العلاقة‌.

أحكام‌ ومراحل‌ الجهاد

وقطع‌ العلاقة‌ علی‌ نوعين‌: الاوّل‌ بالسيف‌ الظاهر، والا´خر بالسيف‌ الباطن‌. والمقتول‌ واحد في‌ كلا الحالَين‌، أمّا القاتل‌ فهو في‌ النوع‌ الاوّل‌ جيش‌ الكُفر والشيطان‌، وفي‌ النوع‌ الثاني‌ جُند الرحمن‌ والإيمان‌. ومورد السيف‌ في‌ كلا القتلَين‌ واحد (وهو أركان‌ عالَم‌ الطبيعة‌)، لكن‌ أحد الضاربَين‌ بالسيف‌ مَلوم‌ ومستحقّ للعقاب‌، والا´خر مرحوم‌ ومُثاب‌: إنَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. [23]

ولمّا كان‌ القتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ بالسيف‌ الظاهر مثالاً متنزّلاً من‌ القتل‌ بسيف‌ باطن‌ الباطن‌ ـ كما سيأتي‌ ذِكره‌ فيكون‌ ظاهر المراد بالقتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌ حيثما ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ هو القتل‌ بالسيف‌ الظاهر، وباطنه‌ القتل‌ بسيف‌ الباطن‌، وباطن‌ باطنه‌ القتل‌ بسيف‌ باطن‌ الباطن‌، وتلك‌ مرحلة‌ أُخري‌ أُشير إليها: إنَّ لِلْقُرْآنِ ظَهْراً وَبَطْناً، وَلِبَطْنِهِ بَطْناً إلی سَبْعَةِ أَبْطُنٍ. [الشرح]

ولهذا عُبِّر في‌ القرآن‌ الكريم‌ عن‌ كِلا القتلَين‌ بالجهاد والمجاهدة‌، قال‌ تعإلی:

انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَـ'هِدُوا بِأَمْوَ لِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ ] الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌ [، وقال‌ تعإلی: وَالَّذِينَ جَـ'هَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ] الآية‌ 69، من‌ السورة‌ 29: العنكبوت‌ [ ؛ وقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: رَجَعْنَا مِنَ الجِهَادِ الاَصْغَرِ إلی الجِهَادِ الاَكْبَرِ.[الشرح] والاصغر هو مِثال‌ وأُنموذج‌ للاكبر، وجميع‌ الاحكام‌ المذكورة‌ في‌ الجهاد المُشار إليه‌ لا تختصّ بأحد هذين‌ الجهادَين‌، بل‌ تشملهما كلاهما.

يُضـاف‌ إلی ذلـك‌ أنّ القتل‌ الظاهـر يتوقّـف‌ علی‌ الجـهاد الاصغر، وهو الهجرة‌ إلی الرسول‌، ثمّ معه‌ ؛ والهجرة‌ متوقّفة‌ علی‌ الإيمان‌، والإيمان‌ علی‌ الإسلام‌، وتحقّقه‌ بدون‌ هذا الترتيب‌ متعذّر. وكذلك‌ الامر بالنسبة‌ إلی القتل‌ بالسيف‌ الباطن‌، الذي‌ يتوقّف‌ علی‌ الجهاد الاكبر، وهذا متوقّف‌ علی‌ الهجرة‌ إلی الرسول‌، ثمّ معه‌، وهذا علی‌ الإيمان‌، والإيمان‌ علی‌ الإسلام‌.

فالفوز بالدرجات‌ المنيعة‌، وبلوغ‌ المراتب‌ الرفيعة‌ لا يمكن‌ تصـوّره‌ بغير طي‌ّ هذه‌ المراحل‌ العظـيمة‌، قال‌ تعإلی فـي‌ كتابه‌ الكريم‌:
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى