فهم هذا الدرس فناء الموجودات إلاّ وجه الله وهو تجلّي الاسماء الإلهيّة في الموجودات
السبت نوفمبر 13, 2021 9:23 pm
فناء الموجودات إلاّ وجه الله وهو تجلّي الاسماء الإلهيّة في الموجودات
[8] ـ سواء عددنا الضمير في «وجهه» في الآية الكريمة: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاِّ وَجْهَهُ عائداً إلی الله تعإلی أو إلی الشيء، فإنّ المعني سيكون واحداً في كِلا الحالَين، وهو أنّ جميع الموجودات ستفني إلاّ وجه الله، وهو الاسماء الاءلهيّة التي تظهر بها الموجودات وتتجلّي، أو وجه الاشياء، الذي يعني أيضاً بقاء جانب مظهريّة الله تعإلی فيها.
ويُلاحَظ في الآية الكريمة: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاْءكْرَامِ أنّ صفة «ذو الجلال والاءكرام» هي ـ باعتبار رفعها صفة إلی «وجه» وليست صفة إلی «ربّك». وبناء علی ذلك فلا هلاك ولا بوار لوجه الله تعإلی الذي هو أسماؤه وصفاته، والمتّصف بالجلال والاءكرام. وَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ.
الفرق بين إخلاص العبد وخلوصه من قِبل الله تعإلی
[9] ـ اعلم بأنّ عالَم الخلوص والاءخلاص يعني عالم الطهارة والنزاهة، وأ نّه عالَم المخلَصين (بالفتح)، وهم فوق المخلِصين (بالكسر)، إذ علی العبد أن يُخلَص أوّلاً كي يصبح خالصاً. ولذا فإنّ عالَم إخلاص العبد وعالَم خلوصه عالَمان مختلفان. أمّا وقد عدّ المصنّف رحمة الله عليه الاءخلاص والخلوص عالَماً واحداً واعتبر هاتَين الكلمتَين بمثابة عطف تفسير علی بعضهما، فإنّ مراده إخلاص الربّ وليس إخلاص العبد الذي هو فِعل العبد، بل أراد به إخلاص الربّ الذي هو فِعل الله تعإلی، ونتيجته وحاصله إخلاص العبد. وبناءً علی ذلك فإنّ العبد إذا ما أخلص، فإنّ الله تعإلی سيخلصه في المرحلة التالية، وهذا الاءخلاص هو الخلوص الذي عنوانه فِعل الله، وهما متلازمان ومتقارنان، ولذا فقد قال المصنّف: عالَم الخلوص والاءخلاص.
ـ اعلم أنّ القرآن الكريم نصّ علی منصب آخر غير هذه المناصب الثلاثة، وهو خروجهم من سلطة الشيطان، وأ نّه لا يطمع في إغوائهم، فقد ورد في سورة الحِجر، الا´يتين 39 و 40: وَلاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، وجاء في سورة ص، الا´يتين 82 و 83: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
ولكن لمّا كان المنصب الاوّل الذي ذكره المصنّف (وهو إعفاؤه من حساب الحشر) يستلزم عدم تسلّط الشيطان، فإنّه لم يعُدّ هذا المنصب علی حِدة.
[11] ـ ويُعفي كذلك من حساب الحشر الانفسيّ، فقد أعقبه بقوله: لانّ هـذه الطـائفة قـد أدّت حسـابها بعبـورها مـن القـيامة العظـمي الانفسيّة.
[12] ـ اعلم أنّ المصنّف رحمه الله اعتبر أنّ الغاية هي عالَم ظهور ينابيع الحِكمة، أي البقاء بالله تعإلی، وعيّن سير الاربعين لبلوغ هذا الهدف في عالَم الخلوص. وعلی السالك أن يدخل عالَم الخلوص (وهو مقام المُخلَصين)، وينال ثلاثة مناصب رفيعة عيّنها له، ثمّ يسير مدّة أربعين كاملة في هذا العالَم ليبلغ مقام ظهور الينابيع والبقاء بالله تعإلی. ولمّا كان الدخول في عالَم الاءخلاص يعني الدخول في عالم الوجوب واللاهوت، فقد عبّر عن ورود هذا العالَم بأ نّه غاية مرتبة المخلوق ونهاية منصب الممكن، علی الرغم من أنّ الفاصلة بين هذا المنصب وبين درجة الكمال (وهو عالَم البقاء والظهور) تعادل أربعين منزلاً، ولذا فإنّه لم يُعبّر عن ورود عالَم الخلوص بعالَم ظهور ينابيع الحِكمة علی اللسان، حيث إنّ ظهور ينابيع الحكمة في عالَم الخلوص إنّما يحصل في أرض القلب، وبعد طيّ الاربعين والبلوغ بجميع مراتب القابليّات إلی فعليّتها، فإنّ الخلوص سيجري من القلب علی اللسان.
[13] ـ صفة «معلوم» التي جِيء بها كصفةٍ للرزق ليس لها معني مشخّص ومقدّر في مقابل غير المقدّر والخارج عن الحدّ والحصر، بل استُعملت من أجل بيان أهمّيّة هذا الرزق والتأكيد علی أهمّيّته، في مقابل غير المعلوم الذي يعني التافه وغير المهمّ.
[14] ـ يعني «رزق معلوم» ورزق «أحياء عند ربّهم».
[15] ـ وردت هذه الرواية في «بحار الانوار» ج 9، ص 334، نقلاً عن «كشف الغمّة»، وجاء في «أمإلی الطوسيّ» ص 338:
يَا علی خَلَقَ اللَهُ النَّاسَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي، وَخَلَقَنِي وَأَ نْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَنَا أَصْلُهَا وَأَ نْتَ فَرْعُهَا، فَطُوبَي لِعَبْدٍ تَمَسَّكَ بِأَصْلِهَا وَأَكَلَ مِنْ فَرْعِهَا.
وأورد (القندوزيّ) في «ينابيع المودّة» ص 235 و 256، روايات في هذا الشأن.
كلّ نبوّة متفرّعة عن الولاية إجمالاً
[16] ـ لانّ النبوّة تستلزم الوحي، وهو أعلی درجات المخاطبة بين الله تعإلی والعبد بدون حجاب ولا واسطة، حيث قال:
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَّرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.
وهذا النـوع من التكلّم يحصـل فقـط في حال فنـاء العبد خـلال تجلّـيات الله، وهو ما يُدعـي بالولايـة. فكلّ نبـوّة إذاً متفـرّعة عن الولاية. بلي لا يلزم النبيّ أن يمتـلك الولاية العامّة المطـلقة، بل تكـفي الولاية في الجملة في حصول مقام النبوّة.
المراد برداء الكبرياء ، الياقوتة البيضاء والروضة الخضراء في الروايات
[17] ـ المراد برداء الكبرياء: هو المقام الرفيع للذات وعظمتها وتجرّدها، وهو ما يفوق كلَّ اسم ورسم، لانّ نهاية سير الإنسان هو الفَناء في اسم «أَحَد». ومن الجليّ أنّ «أَحَد» اسم. وهذه هي نهاية التجرّد الاءمكانيّ الذي سبقت الاءشارة إليه. وأمّا المقام الذي يعلو هذا المقام، فهو التجرّد المحض المطلق، حتّي خارج أُفق الاءمكان، بل خارج تقيّده وتعلّقه بالعين الثابتة. وهو أعلی من اسـم «أحد» الذي سـيحصـل بعد الموت.
والمراد بالياقوتة البيضاء مقام الاحديّة الذي يفوق كلّ ظهورٍ وتجلٍّ، والذي يفوق في النورانيّة كلّ اسم، والاقرب إلی الاءطلاق. والمراد بالروضة الخضراء مقام ذات الاحد بملاحظة شؤون الوحدة في روضة الكثرة ومرج عالم الواحديّة. والمراد بالياقوتة البيضاء في الروضة الخضراء هو نقطة الوحدة بين قوسَي الاحديّة والواحديّة، وهو ذروة المقامات، إذ هو في عين الفَناء في الاحديّة حائزٌ لمقام الواحديّة. وقد جاء في كلام محيي الدين بن عربي في الصلاة علی رسول الله: نُقْطَةُ الوَحْدَةِ بَيْنَ قَوْسَيِ الاَحَدِيَّةِ وَالوَاحِدِيَّةِ.
جاء كلام جبرئيل في «مرصاد العِباد» ص 65 و 189 و 191، وفي رسالة «عشق وعقل» ص 64 و 84 و 93، وفي «عوارف المعارف» هامش ص 228، عن «إحياء العلوم» ج 4، بلفظ: لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لاَحْتَرَقْتُ.
[19] ـ جاء في النسخة الفارسيّة: (محتمل، نسخه بدل) أي: احتماله بدل تحمّله.
[20] ـ ورد هذا الحديث في «مرصاد العباد»، الباب 3، الفصل 9، ص 116، وفي الباب 3، الفصل 10، ص 123، وفي الباب الرابع، الفصل 3، ص 190، وفي الباب 5، الفصل 8، ص 268 ؛ وفي «إحياء العلوم» ج 4، ص 256 ؛ وفي «كشف المحجوب» للهويجريّ ص 70، طبعة لينينغراد.
[21] ـ ما ذكره المصنّف رحمة الله عليه من هذه الفقرة إلی قوله: «وأمّا المنازل الاربعون لعالَم الخلوص» ـ الذي سيرد في الصفحات التالية لا يتعلّق بعالَم الخلوص، بل بخصائص العوالم المتقدّمة علی عالَم الخلوص، وسيأتي الحديث عنها مفصّلاً. أمّا وقد ذكر في هذا المجال أنّ الوصول إلی عالم الخلوص يتوقّف علی القتل في سبيل الله تعإلی، فإنّه أراد بيان شمّة من خصائص تلك العوالم، ومن جملتها أحوال المنافقين التي تحدّث عنها مستطرداً.
أمّا تفصيل القتل في سبيل الله بتمام مراتبه ومقدّماته من الجهاد والهجرة والإسلام والإيمان بجميع درجاتها (وهي المقدّمة للورود إلی عالَم الخلوص)، فسيذكرها فيما بعد في قوله «وأمّا تفصيل العوالم المتقدّمة علی الخلوص».
المراد بالقلب والروح في اصطلاح العرفاء
[22] ـ اعلم أنّ المراد بالقلب في اصطلاح العُرفاء هو عالَم المثال والملكوت، وأنّ المراد بالروح هو عالَم العقل والجبروت، قال حافظ رحمة الله عليه:
دردم از يار ودرمان نيز هم دل فداي او شد وجان نيز هم
يقول: «إنّ سقمي وشفائي كلاهما بِيَدِ الحبيب، وقد فديت له القلب والروح معاً».
[8] ـ سواء عددنا الضمير في «وجهه» في الآية الكريمة: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاِّ وَجْهَهُ عائداً إلی الله تعإلی أو إلی الشيء، فإنّ المعني سيكون واحداً في كِلا الحالَين، وهو أنّ جميع الموجودات ستفني إلاّ وجه الله، وهو الاسماء الاءلهيّة التي تظهر بها الموجودات وتتجلّي، أو وجه الاشياء، الذي يعني أيضاً بقاء جانب مظهريّة الله تعإلی فيها.
ويُلاحَظ في الآية الكريمة: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاْءكْرَامِ أنّ صفة «ذو الجلال والاءكرام» هي ـ باعتبار رفعها صفة إلی «وجه» وليست صفة إلی «ربّك». وبناء علی ذلك فلا هلاك ولا بوار لوجه الله تعإلی الذي هو أسماؤه وصفاته، والمتّصف بالجلال والاءكرام. وَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ.
الفرق بين إخلاص العبد وخلوصه من قِبل الله تعإلی
[9] ـ اعلم بأنّ عالَم الخلوص والاءخلاص يعني عالم الطهارة والنزاهة، وأ نّه عالَم المخلَصين (بالفتح)، وهم فوق المخلِصين (بالكسر)، إذ علی العبد أن يُخلَص أوّلاً كي يصبح خالصاً. ولذا فإنّ عالَم إخلاص العبد وعالَم خلوصه عالَمان مختلفان. أمّا وقد عدّ المصنّف رحمة الله عليه الاءخلاص والخلوص عالَماً واحداً واعتبر هاتَين الكلمتَين بمثابة عطف تفسير علی بعضهما، فإنّ مراده إخلاص الربّ وليس إخلاص العبد الذي هو فِعل العبد، بل أراد به إخلاص الربّ الذي هو فِعل الله تعإلی، ونتيجته وحاصله إخلاص العبد. وبناءً علی ذلك فإنّ العبد إذا ما أخلص، فإنّ الله تعإلی سيخلصه في المرحلة التالية، وهذا الاءخلاص هو الخلوص الذي عنوانه فِعل الله، وهما متلازمان ومتقارنان، ولذا فقد قال المصنّف: عالَم الخلوص والاءخلاص.
ـ اعلم أنّ القرآن الكريم نصّ علی منصب آخر غير هذه المناصب الثلاثة، وهو خروجهم من سلطة الشيطان، وأ نّه لا يطمع في إغوائهم، فقد ورد في سورة الحِجر، الا´يتين 39 و 40: وَلاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، وجاء في سورة ص، الا´يتين 82 و 83: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
ولكن لمّا كان المنصب الاوّل الذي ذكره المصنّف (وهو إعفاؤه من حساب الحشر) يستلزم عدم تسلّط الشيطان، فإنّه لم يعُدّ هذا المنصب علی حِدة.
[11] ـ ويُعفي كذلك من حساب الحشر الانفسيّ، فقد أعقبه بقوله: لانّ هـذه الطـائفة قـد أدّت حسـابها بعبـورها مـن القـيامة العظـمي الانفسيّة.
[12] ـ اعلم أنّ المصنّف رحمه الله اعتبر أنّ الغاية هي عالَم ظهور ينابيع الحِكمة، أي البقاء بالله تعإلی، وعيّن سير الاربعين لبلوغ هذا الهدف في عالَم الخلوص. وعلی السالك أن يدخل عالَم الخلوص (وهو مقام المُخلَصين)، وينال ثلاثة مناصب رفيعة عيّنها له، ثمّ يسير مدّة أربعين كاملة في هذا العالَم ليبلغ مقام ظهور الينابيع والبقاء بالله تعإلی. ولمّا كان الدخول في عالَم الاءخلاص يعني الدخول في عالم الوجوب واللاهوت، فقد عبّر عن ورود هذا العالَم بأ نّه غاية مرتبة المخلوق ونهاية منصب الممكن، علی الرغم من أنّ الفاصلة بين هذا المنصب وبين درجة الكمال (وهو عالَم البقاء والظهور) تعادل أربعين منزلاً، ولذا فإنّه لم يُعبّر عن ورود عالَم الخلوص بعالَم ظهور ينابيع الحِكمة علی اللسان، حيث إنّ ظهور ينابيع الحكمة في عالَم الخلوص إنّما يحصل في أرض القلب، وبعد طيّ الاربعين والبلوغ بجميع مراتب القابليّات إلی فعليّتها، فإنّ الخلوص سيجري من القلب علی اللسان.
[13] ـ صفة «معلوم» التي جِيء بها كصفةٍ للرزق ليس لها معني مشخّص ومقدّر في مقابل غير المقدّر والخارج عن الحدّ والحصر، بل استُعملت من أجل بيان أهمّيّة هذا الرزق والتأكيد علی أهمّيّته، في مقابل غير المعلوم الذي يعني التافه وغير المهمّ.
[14] ـ يعني «رزق معلوم» ورزق «أحياء عند ربّهم».
[15] ـ وردت هذه الرواية في «بحار الانوار» ج 9، ص 334، نقلاً عن «كشف الغمّة»، وجاء في «أمإلی الطوسيّ» ص 338:
يَا علی خَلَقَ اللَهُ النَّاسَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي، وَخَلَقَنِي وَأَ نْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَنَا أَصْلُهَا وَأَ نْتَ فَرْعُهَا، فَطُوبَي لِعَبْدٍ تَمَسَّكَ بِأَصْلِهَا وَأَكَلَ مِنْ فَرْعِهَا.
وأورد (القندوزيّ) في «ينابيع المودّة» ص 235 و 256، روايات في هذا الشأن.
كلّ نبوّة متفرّعة عن الولاية إجمالاً
[16] ـ لانّ النبوّة تستلزم الوحي، وهو أعلی درجات المخاطبة بين الله تعإلی والعبد بدون حجاب ولا واسطة، حيث قال:
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَّرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.
وهذا النـوع من التكلّم يحصـل فقـط في حال فنـاء العبد خـلال تجلّـيات الله، وهو ما يُدعـي بالولايـة. فكلّ نبـوّة إذاً متفـرّعة عن الولاية. بلي لا يلزم النبيّ أن يمتـلك الولاية العامّة المطـلقة، بل تكـفي الولاية في الجملة في حصول مقام النبوّة.
المراد برداء الكبرياء ، الياقوتة البيضاء والروضة الخضراء في الروايات
[17] ـ المراد برداء الكبرياء: هو المقام الرفيع للذات وعظمتها وتجرّدها، وهو ما يفوق كلَّ اسم ورسم، لانّ نهاية سير الإنسان هو الفَناء في اسم «أَحَد». ومن الجليّ أنّ «أَحَد» اسم. وهذه هي نهاية التجرّد الاءمكانيّ الذي سبقت الاءشارة إليه. وأمّا المقام الذي يعلو هذا المقام، فهو التجرّد المحض المطلق، حتّي خارج أُفق الاءمكان، بل خارج تقيّده وتعلّقه بالعين الثابتة. وهو أعلی من اسـم «أحد» الذي سـيحصـل بعد الموت.
والمراد بالياقوتة البيضاء مقام الاحديّة الذي يفوق كلّ ظهورٍ وتجلٍّ، والذي يفوق في النورانيّة كلّ اسم، والاقرب إلی الاءطلاق. والمراد بالروضة الخضراء مقام ذات الاحد بملاحظة شؤون الوحدة في روضة الكثرة ومرج عالم الواحديّة. والمراد بالياقوتة البيضاء في الروضة الخضراء هو نقطة الوحدة بين قوسَي الاحديّة والواحديّة، وهو ذروة المقامات، إذ هو في عين الفَناء في الاحديّة حائزٌ لمقام الواحديّة. وقد جاء في كلام محيي الدين بن عربي في الصلاة علی رسول الله: نُقْطَةُ الوَحْدَةِ بَيْنَ قَوْسَيِ الاَحَدِيَّةِ وَالوَاحِدِيَّةِ.
جاء كلام جبرئيل في «مرصاد العِباد» ص 65 و 189 و 191، وفي رسالة «عشق وعقل» ص 64 و 84 و 93، وفي «عوارف المعارف» هامش ص 228، عن «إحياء العلوم» ج 4، بلفظ: لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لاَحْتَرَقْتُ.
[19] ـ جاء في النسخة الفارسيّة: (محتمل، نسخه بدل) أي: احتماله بدل تحمّله.
[20] ـ ورد هذا الحديث في «مرصاد العباد»، الباب 3، الفصل 9، ص 116، وفي الباب 3، الفصل 10، ص 123، وفي الباب الرابع، الفصل 3، ص 190، وفي الباب 5، الفصل 8، ص 268 ؛ وفي «إحياء العلوم» ج 4، ص 256 ؛ وفي «كشف المحجوب» للهويجريّ ص 70، طبعة لينينغراد.
[21] ـ ما ذكره المصنّف رحمة الله عليه من هذه الفقرة إلی قوله: «وأمّا المنازل الاربعون لعالَم الخلوص» ـ الذي سيرد في الصفحات التالية لا يتعلّق بعالَم الخلوص، بل بخصائص العوالم المتقدّمة علی عالَم الخلوص، وسيأتي الحديث عنها مفصّلاً. أمّا وقد ذكر في هذا المجال أنّ الوصول إلی عالم الخلوص يتوقّف علی القتل في سبيل الله تعإلی، فإنّه أراد بيان شمّة من خصائص تلك العوالم، ومن جملتها أحوال المنافقين التي تحدّث عنها مستطرداً.
أمّا تفصيل القتل في سبيل الله بتمام مراتبه ومقدّماته من الجهاد والهجرة والإسلام والإيمان بجميع درجاتها (وهي المقدّمة للورود إلی عالَم الخلوص)، فسيذكرها فيما بعد في قوله «وأمّا تفصيل العوالم المتقدّمة علی الخلوص».
المراد بالقلب والروح في اصطلاح العرفاء
[22] ـ اعلم أنّ المراد بالقلب في اصطلاح العُرفاء هو عالَم المثال والملكوت، وأنّ المراد بالروح هو عالَم العقل والجبروت، قال حافظ رحمة الله عليه:
دردم از يار ودرمان نيز هم دل فداي او شد وجان نيز هم
يقول: «إنّ سقمي وشفائي كلاهما بِيَدِ الحبيب، وقد فديت له القلب والروح معاً».
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى